Saturday, December 27, 2014

الطريق ....... الى الصحة !!!!

( الطريق إلى .....الصحة ! )

كان يوما من أجمل أيام العمر ..... يوم العطاء ....يوم ينال كل من صبر .....يوم حفلة التخرج , و بعد الحفلة توجه الطبيب  هانى  مرتديا روبه الأسود و غطاء الرأس المميز للخريجين , و توجه إلى أفضل ستوديو بالمدينة .
 و فى الأستوديو وجه  " هانى " تعليماته الطبية للمصور قائلا :
عاوز صور تنفع أفيشات أفلام ....بس مش من بتاعة روتانا سينما .....مش ناقصين فضايح ... أنا مش هانى سرحان  !
( إلتقط المصور العديد من الصور ل هانى و كأنه لاعب كمال أجسام  أو هتلر أيام الحرب العالمية )
و بعد أن فرغ من صوره , نظر إلى الشهادة بفخر قائلا : الحمد لله ....أخيرا .....يخرب بيتك ....طلعتى عنينا علشان ناخدك ......هو الواحد نظر أهله راح من قليل !
ثم أردف قائلا : كده الواحد ينام و يحلم بإستلامه نيابه فالجامعة ....أنا عارف أخروا ظهور نـتيجتها ليه ....بس يلا يعنى هكون أقل  من  " راضى "  اللى كان دور تانى و خدوه نايب جراحة سنيور لما ملقوش حد يدخلها , و كمان إتعين معيد لما إستقال أغلب النواب ....أكيد يالا يا هانى هتجيلك حاجة تبقى بيها باشا .....باااشااااا.
-------------------------------------------------------
و فى اليوم التالى , و أثناء ما كان يشدو العندليب قائلا ( لـــكن سماءك ممطرة و طريقك مسدود مسدود .......يا ولدى ) , يرن جرس الموبايل كأنه هزيم الرعد , و يستمع هانى لمحدثة الذى يقول :
معلش يا هانى .... هارد لـــَـك يا حبيبى   الجامعة خدت 12 نايب فى كل قسم ....من الأقسام اللى إنت ما كاتبهاش .....و لا قسم من رغباتك خد نــــــــواب !
هانى ( مخاطبا صوت عبدالحليم  ) :    بااااااس يا عم .....قفلتها  .........أهى إتسدت رسمى .....كده الواحد هياخد إستمارة 6 عالصحة.....هه ......صحة و عافية يا خويا .
--------------------------------------------------------

** و فى جلسة مع أصدقاء الكفاح , يسأل هانى أحد أصدقاءه ( من اللى بيعرفوا كل حاجه ....و هما " أجهل من ....دابه" )
= هانى :  إيه أخبار نيابات الصحة يا عم ....إنت مش فيه حد من قرايبك بيشتغل  " كلب بوليسى " قدام  وزارة الصحة .

=الصديق : إطمن يابو دم خفيف ....النيابات السنه دى نازله كتيييييير .. ده إحتمال يدو كل واحد 3 تخصصات مع بعض... و الأماكن إنت و راحتك ..... زى ما يعجبك .
= هانى :  يا سلام .. هو ده الشغل ... كده الواحد يشوف له بلد ساحلى و لا سياحى ..... الحمد لله إن ربنا رحمنى من الجامعة ...أنا إيه اللى عليا إن واحد أكبر منى بسنه ولا إتنين  يخلينى أكنس القسم صبح و ليل .... وحضر حالات ....... حضر لستة عمليات ..... حضر ماجستير .... حضر عفاريت .
(و تعلن الوزارة عن بدء التقديم عن النيابات الأستثنائية , للأطباء الذين أفنوا حياتهم فى دراسة الطب , و فاتهم قطار الجامعة بمحطات قليلة ) .
= هانى يحدث نفسه , أثناء ملأ إستمارة الرغبات :           يلا ياعم .... أول رغبة .... مصيف ...يبقى البحر الأحمر ....لزوم الدلع و البحر .....يبقى جلدية
..ثانى رغبة .....برضة مصيف ....إسكندرية ....لزوم الهوا ....تبقى صدرية          , ثالث رغبة ......برضه مصيف .......إسماعيلية .....لزوم الشمس .....تبقى شمسية .
زميله رادا :  إيه يا عم شمسية إيه .....هى كلمات متقاطعة  !
هانى : إسكت يا عم إنت مش فاهم حاجة , خليك إنت بس 3 أيام  ريف كفر الحداية وتلاته وحدة  قرية ميمون باشا القرد ....روح يا عم شوفلك حد يسرح بيك فالموالد  .

و تمر الأيام ....و فى يوم ما , يسمع هانى  صوتا مهللا و مناديا :   داكتور هانى .... يا داكتور هانــــــــــى ....يا داكتووووور  . مبرووووك ... جواب التعيين وصل .... إيدك عالحلاوة .

*هانى مهللا  : هييه .... يحيى العدل ... دقوا الشماسى , نيابة المصيف وصلت   و ياللـ ـى عــالــتــ ــرعة حــ ـود عـالمــ ــالح , ( و يفتح المظروف متلهفا , و عينى صديقه و صاحب البشرى تنظر بلهفة )
و تظهر علامات الزهول على وجهه , فيسأله صديقه قائلا :  هانى ... نيابة إيه .....هانى ....أخبار النيابة إيه؟
هانى مزهولا : دى مش أخبار  نيابة .....دى  أخبار الحوادث !
و يقفز صاحب البشارة المشؤمة فى الحوار : الحلاوة يا بيه .. أنا مش هاخد أقل من تلاته جنيه , خمسة و سبعين !  .
*هانى منفجرا :  غور يا بوز الغراب .... يخرب بيتك و بيت جوابك .
الفتى : طب إتنين جنيه و ربع ( فيمضى الفتى ساخطا ...., و مهمهماً بكلمات غير مفهومة )
الصديق : إيه يا هانى .....مش بلد مصيف برضه ؟
*هانى : آآآآه.... مصيف رسمى ....و مش أى مصيف ده البحر الأحمر .
الصديق : طيب مالك يا عم , مين قدك !
هانى : ما هو مش أى بحر أحمر .... دى الحته المحروقه اللى فيه ... حلاااااااايب     حلايب ....أهه ... وحدة حلايب الطبية , نيابة إستثنائية .... نفسية و عصبية ,  طبعا ما هو لازم تكون كده , يعنى هيجيلى فحلايب جراحة تجميل !
و يلقى هانى الورقة بسخط قائلا :                                أنا من بكرة هروح الوزارة ....لأ ..أنا أروح أبات قدامها ... أما اشوف إزاى إترميت الرمية السوده دى ... ده أنا جيد جدا مع مرتبة الشرف ...مرتبــــــة , مش مخدة الشرف . أمال لو كنت إنتساب كانو ودونى فين ... بوركينا فاسو .
الصديق : لا يا خويا ..أهم كده ودوك بوركينا نفخوا.... أحمدك يا رب على كفر الحداية ...و ربنا يخلى لنا ميمون باشا القرد .
-----------------------------------------------------------
*** و فى  مكتب المسؤل الكبير بالوزارة  ( مكتب عليه لافته ... السيد / بخيت أبو البخت  – مسؤل كبير قوى ) , بدأ المسؤل الحوار , بطيبة متناهية النظير : خير يا بنى , أءمر , إحنا هنا عشان راحتك ... أءمر , أى خدمة , راحتك أهم ما عندنا , و شعارنا الطبيب أولا 
هانى : أنا عايز......  
المسؤل   مقاطعا : عينيه يا بنى , أءمر , خير ...قول ما تخفش .
هانى :  عايز .......
المسؤل: أنت تأمر .... بس إنت أشر .....و شبيك لبيك ... وزارة الصحة بين إديك .....هاهاهاها نياهاهاهاه .
هانى و بصوت منخفض : إيه ده , ياما أنت كريم يا رب , أنا باينلى فى مكتب  المصباح السحرى , و ده الحج  علاء الدين ,  ( و يتشجع هانى قائلا : أنا كنت عاوز أغير النيابة بتعتى .
المسؤل منقلبا 180 درجة : إيه إيه يا روح أمك .
هانى : خير يا فندم , ما إحنا كنا كويسين ... أ ُ مال فين الشعار
المسؤل  صائحا : شعار إيه يا حبيبى , صحيح  شعارنا هو الطبيب أولا .. بس بالنسبه لى أول مين أدوسه بالجزمه
هانى خائفا : طب ممكن أعرف أنا ليه روحت حلايب ؟!
المسؤل : حاضر يا خويا ....إستنى أما أطلعلك ....
هانى مزعورا : إيه ....مطوة !
المسؤل متهكما : لا يا حبيبى .... اللوايح , على الله تعدلك ....ها........ جاوب عالأسئله دى و إنت تعرف 
س – النوع .... ذكر و لا أنثى ؟  شكلك تدى على ذكر .... إذن زميلتك أولى بمكانك , و مينفعش أودى إنسانة رقيقة مكان  نائى , و أسيب خنشور زيك نايم فى بيتهم .
س – ليك تجنيد ..... شكلك تنفع شيخ غفر ... إذن مينفعش أديلك مكان حيوى و تسيبه و تروح الجيش . و لا تحب أجيبلك الجيش فى مكانك ؟
و أخيرا , إنت من مواليد 29 فبراير 84 , لو كنت 1 مارس فما بعد كان فيه أمل
هانى منفجرا : أ ُمال لو كنت مواليد 11 سبتمبر كنتم وديتونى فين .....دارفور .
( فاصل بموسيقى و أغنية حزينة مناسبه )
-----------------------------------------------------------
*** و يمضى هانى إلى قدره , و يصل لحلايب بعد عناء ...و يفاجأ بالعيادة الخارجية للوحدة.....خيمه مرفوعة على قائمين .....و كل شىء فيها على الأرض ... حتى الطبيب !
و كانت تعليمات الوزارة أن يعلن عن الخدمة الطبية دائما و أن تكون بقيمة رمزية  , كان الأعلان هو أن يجلس هانى على الأرض مناديا – و أمامه أدواته الطبيه - : يلا قيس ضغطك  بنص جنيه .... إعرف نبضك بربع جنيه ....  حلل سكر بخمسة و سبعين .... يلا يا كلور . ( هانى مستطردا : كلور إيه يا عم ....ده اللتر بجنيه و نص )
و يدخل عليه شخص مرتديا زى أهل البلده : سلام عليكم يا داكتوور
هانى : و عليكم السلام و رحمة الله ... خير يا حج
الشخص : الأول نحب نتعرف , هو سيادتك دكتور من بتوع طب و لا بتاع حاجة تانى ؟
هانى متصبرا : لا ياعم ... بتاع طب الصبح , و بعد الضهر صرماتى . خيير ؟
الشخص : و كمان صرماتى ...موهوب والله ... شكلك موهوب , بقى الحكاية  يا بيه إنى معايا حبيبى الغالى  تعبان فالبيت و كنت عاوزك تشوفه , بقاله 3 أيام لا بياكل و لا بيشرب و كل ما أناديله ما بيرد عليه .
هانى : هو عنده كام سنه  يا عم
الشخص: يعنى ... يوم السوق اللى جاى يقفل  7 شهور
هانى : يا عم إنت هتجننى ... 7 شهور إيه و يرد عليك
الشخص : يا بيه ده الغالى ده من ساعة ما أشتريته من 5 شهور و هو مالى البيت بصوته الحلو
*هانى : لا إله إلا الله , أنتم رجعتم  تجارة العبيد تانى , إنت من قبيلة مين يا عم ...بنو قينقاع !  
الشخص: يابيه خلينا فى الغالى  اللى هيروح منى
هانى : اللهم ما طولك يا روح , هو إبنك يعنى
الشخص : لا لا لا ... إخص عليك ... ده الغالى  اللى كان حامينا و حارسنا .
هانى : البواب يعنى ؟!
الشخص : يا خى عيب عليك  ....لما هو بواب أ ُمال أنا بأشتغل إيه ؟  ده الغالى  حبيبى و حبيب العيال , اللى ما يتخير عن جنابك  ..... ده شخروم .... الكلب بتاعنا .
هانى منفجرا : إطلع بره يا إبن الغالى .... أما أنت راجل ...ولا بلاش بدل ما يعملوهلنا قضية لجؤ سياسى  .
= و يدخل عليه مريض آخر , يبدو عليه مزيج من علامات الفلسفه و الغباء
م  بتأنى مستفز : عــــمـــت مساءا يا أخا العرب  
هانى : أهلا .... أهلا بأهل الجاهلية .... هو الإسلام موصلش عندكم لسه يا عم ولا إيه ؟  خير يا عم الغالى إنت التانى ؟
م : أخوك جهلان الكاتب .... مشرف مشروع نـــ حو الأمية بالقرية  .
هانى : أم م ... جهلان .... نــحو الأمية ....ماأحنا على إديك  رايحين لها صاروخ .......أهلا بأهل العلم و الثقافة.
م :  و الله يا بيه , المزين  كان كاتب لولدى لبوس للحرارة , و نظرا لأنى قارى و عارف خطورة الأدويه على المعدة و الجهاز الــهــ زمى , أنا جاى أستفسر ..
هانى : أم م ...المزين و  الجهاز الهزمى  .....قول يا  عم المثقف , قول و قصر
م : أه .... السؤال كان إيه .... كان إيه يا جهلان  .....أه إفتكرت ... هو اللبوس بيتاخد قبل الأكل و لا بعده , عشان معدة الواد ضعيفة !
هانى ( و يكاد يغشى عليه ) :  لأ ... بيتاخد  تحت اللسان يا عم أبو جهل .... قوم من وشى بدل ما أولع فيك و فيه و فى الخرابة اللى عاملينهالكم .
م بقرف : يا عم روح , والله ما انت فاهم حاجة . أنا أروح للمزين  يفهمنى أحسن .... بيجيبوهم منين و يصدعونا بيهم  دول .
هانى . غوور .....غووور ......إيه ده , والله ما أنا قاعدلكم فيها .... أن شا الله يعدمونى مش يفصلونى .
*** و يحزم هانى أمتعته , عائدا رأسا إلى مكتب السيد / بخيت
و يدخل هانى على الرجل بغضب :
المسؤل  :   أهلا ..هو إنت.. مش برضه دكتور هانى .
هانى : ده كان زمان , أنا أسمى دلوقتى مش هانى ... مرمطانى , بهدلانى ...و أدى شعاركم ختم باتا معلم على قفايا .
المسؤل :  ماشى ....صباح الخير يا سيدى
هانى :  صباح الزفت ,
المسؤل : إيه ده يا أفندى .... إنت إتجننت ؟
هانى : أنا أبقى إتجننت لو رجعت هناك تانى . أنا جاى من هنا و مش طالع من غير ما أخد أجازة بمرتب ... أقولك ...بدون مرتب .... إيه رأيك أفصلونى خالص , و كده كده رايح الجيش و هرتاح منكم .... أهه نار الجيش  و لا جنة الصحة .
المسؤل : يا سلام إنت تأمر .... هدى نفسك .... صحيح ما لكش لزمه .. بس أديك محسوب على أهلك نفر .
( و يأخذ هانى الورقه و يخرج , و يعود معقبا : بالحق يا بيه   مين الغبى اللى  سماك أبو البخت , كان حقهم يسموك  منحوس أبوالنحس ..متعيس أبو التعس
المسؤل صائحا : إطلع بره ... ده إحنا مودينك مكان تاكل فيه الشهد ....كشف على إنس .. على حيوان ... على أشتاتا أشتوت ... حد لاقى يخاوى !
-----------------------------------------------------------
و تمر الايام و يدخل هانى الجيش مع دفعته , و تمر أيام مركز التدريب قاسية , إلى أن جاء يوم  الترحيل , و أثناء جلوسه مع كام دفعه ... يناجى هانى أحلامه :      يــــاه لو الواحد يروح حته مرتاحه .... مش كفاية اللى شافه الواحد فى خراييب .... قصدى حلاييب .
( و يأتى صوت الصول مجلجلا من الخارج : سريه طبية .... إستعد.... إستعد للترحيل.... مخالى شل
هانى متلهفا :  خير يا فندم طمننى .....
أبشر يا داكتور منك ليه .... رايحين أماكن صحيه
هانى : بلاش سيرة صحية و حياة أبوك , أنا كرهت كل حاجه صحية , من أول النيابة لحد كبانيه الصرف الصحى
ص: إخرس يا عسكرى ... دا أنت رايح مكان هَــنـَـا .. لا قائد بيروحه ولا تفتيش بيعدى عليه ... و شمس و هوا و طراوه ...ده فيه ناس مش عارفه إن كان تبعنا ولا تبع الجيران !
هانى : إخلص يا عم ....يعنى موديينا دريم لاند  ؟  
ص :  أبشر ...... نقطة حلااااايب الطبية .
هانى بهستريا :  يا حاتم ..... يا مدحت ...... يا أحمد.... فكرونى بسرعة .... هو اللبوس بيتاخد إيه .... عضل و لا وريـــــد؟؟؟!.........جايـــــــلك يا شخروم يا غــــالى !  



مع تحياتى
ط.م./ أحمد مختار أبودهب
قسم الأشعة التشخيصية- كلية طب سوهاج
2006 

No comments:

Post a Comment